الإنسان المسيحي هو إنسان مولود جديد مولود روحي حيث قال السيد المسيح لنيقوديموس إن ينبغي أن يولد من الماء
الروح . فما هو الميلاد الجديد .... يحدثنا أبونا تادرس يعقوب ملطي عن الميلاد الجديد بكتابه الروح القدس بين الميلاد الجديد والتجديد ا المستمر فيقول :
بصعود السيد المسيح إلي السماوات أرسل إلينا روحه القدوس الذي يأخذ مما له ويخبرنا ( يو 16 : 14 ) .
ما الذي يأخذه الروح القدوس ويقدمه لنا ؟ إنه يأخذ أعمال السيد المسيح الخلاصية ويقدمها لنا , ففي مياه المعمودية يدخل
بنا الروح القدس إلي الدفن مع المسيح والقيامة أيضاً معه , فنخرج من المعمودية أعضاء جسد المسيح القائم من الأموات الذي
لا يشيخ ولا يقدم بل ينمو علي الدوام بغير إنقطاع متمتعاً بالحياة الجديدة . بهذا يتحقق اتحادنا مع السيد المسيح فننعم بالبنوة
لله , إذ نصير خلال الإبن الوحيد الجنس أبناء معه بالتبني , أي ليس حسب الطبيعة , وإنما خلال النعمة المجانية . هذا ما قصــده
الرسول بقوله : " لا بأعمال في بر عملناها نحن . بل بمقتضي رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجـــديــــــد الــروح القــدس
" ( تي 3 : 5 ) .
" مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من بين الأموات
لميراث لا يفني ولا يتدنس ولا يضمحل , محفوظ في السماوات لأجلكم " 1بط 1 : 3 - 4 ) . هذا ما قصده السيد المسيح نفسه
في حديثه مع نيقوديموس : " الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله "
( يو 3 : 5 ) . ولم يستطع نيقوديموس معلم إسرائيل أن يفهم , لأنه لم يكن بعد قد أدرك أن يسوع هذا الذي يحدثه إنما يضم
المؤمنين به إلي نفسه في المعمودية بالروح القدس , حتى يهبهم حياته المقامة كعطية الميلاد الروحي الجديد .
تعليقي علي الموضوع بعالية .
بعد إرتفاع السيد المسيح عن الأرض وصعوده إلي السماوات ترك لنا باقياً إلي الأبد الروح القدس وقال عنه السيد المسيح أنه
يأخذ مما للسيد المسيح ويخبرنا .
وهذا ما يجعلنا نعرف أن السيد المسيح لا يمكن التعرف عليه إلا من خلال الروح القدس وهذا ما يوافق قول الكتاب المقدس أن
لا أحد يقول أن المسيح إله إلا بالروح القدس أي أنه لا يمكن أن نعرف حقيقة السيد المسيح وكونه إله إلا من خلال الروح القدس
وهذه هي معرفة المسيح في كمالها أن نعرف السيد المسيح وكونه إله .
فماذا سنعرف من الروح القدس عن السيد المسيح إلي تمام إدراك أنه الإله أ ي تمام معرفتنا بالمسيح يسوع .
أولاً يوضح أبونا تادرس يعقوب ملطي بأنه يأخذ من أعمال المسيح الخلاصية ويقدمها لنا ,
ويبدأ من مياه المعمودية ففي المعمودية يدخل بنا الروح القدس إلي الدفن مع المسيح والقيامة أيضاً معه . فنخرج من المعمودية
أعضاء جسد المسيح القائم من الأموات _ وليس أعضاء جسد آدم البشري , أن نصبح روحياً أبناء المسيح وليس بشرياً أبناء
آدم . ثم يكمل أبونا تادرس يعقوب ملطي أن جسد المسيح هذا لا يشيخ فينا ولا يقدم ( يتقادم ) بل ينمو أي يصير يوم بعد يوم
بنا إلي الأفضل علي الدوام ممتعنا بالحياة الجديد كأعضاء جسد السيد المسيح القائم بعدما كنا أموات نحي في حياة الموت
عندما كنا في جسد بشريتنا كأبناء أدم حيث كنا نموت كل يوم أكثر فأكثر .
ثم يكمل أنه بهذا يتحقق إتحادنا مع السيد المسيح فننعم بالبنوة لله . فنصير بالمسيح يسوع أبناء لله .
إذ عندما نصير أعضاء جسد المسيح الذي هو إبن الله نصير نحن جسد المسيح أبناء الله . حيث يقول أبونا تادرس يعقوب ملطي
في الجملة التالية مباشرة إذ نصير خلال الإبن الوحيد الجنس أبناء معه بالتبني , أي ليس حسب الطبيعة ( البشرية العتيقة التي
كانت لنا أولاً ) وإنما خلال النعمة المجانية ( التي قدمها لنا المسيح عندما صلب وقام من بين الأموات واهباً لنا الحياة الجديدة )
وهذه النعمة المجانية التي بها نلنا الحياة الحديدة في المسيح يسوع والبنوة لله في المسيح يسوع ما قصده الرسول بقوله
" لا بأعمال في بر عملناها نحن , بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس " ( تي 3 : 5 )
ونلاحظ التعبيرين الذين قالهما الرسول بولس وهما ( الميلاد الثاني ) و ( تجديد الروح القدس ) وهنا
نلاحظ أنه ينبغي أن يكون هناك فرق بين التعبيرين في المعني ولذا ذكرهما الرسول كتعبيرين ولم يستخدم تعبير واحد
فما هو الفرق بين الميلاد الثاني .
يعني الميلاد الثاني الميلاد الروحي في المعمودية المقدسة حيث ولدنا من المسيح يسوع بطبيعة روحية وتخلصنا من كل
ما علق بنا من الجسد البائد المائت الذي ورثناه من ابونا الترابي آدم الأول وصار لنا أب أخر هو آدم الثاني الروحاني أعني المسيح
يسوع . وهنا يظهر أن هذا الميلاد الثاني هو نقطة تحول للطبيعة البشرية لتصير طبيعة روحية غير قابلة للخطية . بعكس ما كنا
عليه من طبيعة ساقطة تحي في الخطية والسقوط فيها بإستمرار .
أما التعبير الثاني ( تجديد الروح القدس )
فيعني به الرسول بولس ذلك الإمتداد والقدرة التي يعطيها لنا الروح القدس لننمو ونستمر في الصعود من قامة إلي قامة
حتي نصل إلي ملئ قامة المسيح فيتصور المسيح فينا فنقول مع الرسول بولس أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في .
وهذان التعبيرين وفعلهما المعبر عنه يحدثان كليهما في المعمودية حيث يتم بعد التعطيس في الماء دهن المعمد بزيت الميرون
للتثبيت وقبول الروح القدس .
وبهذا يصير للإنسان المسيحي المولود الميلاد الثاني الروحاني والذي يحيا بالروح القدس قادراً بنعمة المسيح وموهبة الروح
القدس الذي وهبه لنا المسيح نفسه حين قال للتلاميذ ها أنا ارسل لكم معزي يمكث معكم إلي الأبد الروح القدس الذي يحل
عليكم ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويعطيكم . أي يأخذ من الخلاص الذي لنا في المسيح يسوع والبنوة التي لنا في المسيح
يسوع وعمله الكفاري علي عود الصليب . ونصير أيضاً وارثين للميراث الأبدي الذي لا يفنى ولا يضمحل ولا يتدنس المحفوظ
في السماوات لأجلنا .
وهذا ما قصده السيد المسيح بما قاله لنيقوديموس " الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح ( المعمودية -
الميلاد الثاني الروحاني ) لا يقدر أن يدخل ملكوت الله ( الميراث السماوي الباقي لنا إلي الأبد ) .
وهذا لم يفهمه نيقوديموس معلم إسرائيل لأنه لم يكن بعد قد أدرك أن يسوع هذا الذي يحدثه إنما يضم المؤمنين به إلي
نفسه في المعمودية بالروح القدس , حتي يهبهم حياته المقامة كعطية الميلاد الروحي الجديد .
أتمني أن يكون الروح القدس قد أنار القارئين لهذا الموضوع بكلماته إليهم في قلوبهم وليس بكلماتي أنا فهي منيرة يراها كل أحد
وبدونها لا يري حتي معلمي اسرائيل معني الكلام بعاليه
أترككم في رعاية المسيح رب المجد