يقر الأباء بأن عبور بني إٍسرائيل للبحر الأحمر بقيادة موسى النبي في العهد القديم , كان رمزاً للمعمودية
وفي هذا الصدد نتناول مقتطفات من أقوال الأباء .
1 - العلامة ترتليان : عندما ترك الشعب مصر بإرادته وهربوا من سلطان ملك مصر بعبورهم الماء ، أهلك الماء الملك وكل جيشه .
أي شئ أكثر وضوحاً من هذا كرمز للمعمودية ؟! فالشعوب تخلص من العالم بواسطة الماء ، إذ يتركون
الشيطان الذي كان يطغي عليهم ، فيهلك في الماء .
2 - العلامة أوريجينوس : يريد ( فرعون وجنوده ) أن يصلوا إليك ، إذ تنزل في المياة تخرج منها إنساناً صحيحاً سليماً ، حيث تغتسل
فيها من نجاسات الخطيئة لتصعد إنساناً جديداً مستعداً للتسبيح بالنشيد الجديد ( إش 42 : 10 ) .
3 - القديس ديديموس الضرير : البحر الأحمر الذي تقبل الإسرائيليين الذين لم يخافوا ، هذا الذي خلصهم من الشرور التي أضمرها لهم
المصريون المقتفون آثارهم ، كان - وكل تاريخ الخروج - رمزاً للخلاص الذي يتم في المعمودية .
مصر في الحقيقة ترمز هنا إلي العالم الذي نمارس فيه شقاءنا بالحياة الشريرة التي نعيشها ، والشعب
هم الذين يستنيرون ( يعتمدون ) ، والماء هو واسطة الخلاص للشعب يمثل المعمودية . فرعون وجنوده
رمز للشيطان وأعوانه .
4 - القديس كيرلس الأورشليمي : خلاص إسرائيل من فرعون كان خلال البحر ، وخلاص العالم من الخطيئة يتم بغسل الماء بكلمة الله ( أف 5 : 26 ) .
5 - القديس باسيليوس الكبير : لقد قدم لنا ما يخص خروج إسرائيل لكي نعرف الذين يخلصون بالمعمودية ...
البحر هو رمز المعمودية ، فخلص الشعب من فرعون كما تخلص أنت من طغيان إبليس في المعمودية .
أهلك البحر العدو ، وفي المعمودية تُقتل غدواتنا لله . خرج الشعب من البحر أصحاء وسالمين ، ونحن أيضاً
نخرج من الماء كمن هم أحياء يخرجون من بين الأموات .
لو لم يعبر إسرائيل البحر لما نجا من فرعون ، وأنت إن لم تدخل المياة فلن تهرب من طغيان الشيطان القاسي .
6 - القديس غريغوريوس أسقف نيصص : عبور البحر الأحمر كقول القديس بولس نفسه هو نبوة عن سر المعمودية ... في الحقيقة إذ يقترب الشعب
الآن إلي مياة التجديد ، يكونون كمن يهربون من مصر التي تشير إلي الخطيئة ( في ذلك الوقت ) ، فيتحررون
ويخلصون ، أما إبليس وأعوانه مع أرواح الشر فيهلكون .
تلقي الشهوات بنفسها في المياة لكي تقتفي أثر العبرانيين ، لكن المياة التي تمثل عنصر حياة بالنسبة
للذين يلتجئون إليها تكون عنصر موت للذين يقتفون أثرهم .
7 - القديس أمبروسيوس : أي شيء أعظم من عبور البحر بواسطة الشعب اليهودي ؟! ومع هذا فإن اليهود الذين إجتازوه مات جميعهم
في البرية ! أما الذي يعبر هذا الينبوع ( المعمودية ) أي يجتاز من الأرضيات إلي السماويات ، فيُحسب ذلك بحق
تحول أو عبور ، عبور من الخطيئة إلي الحياة ، فلا يموت بل يقوم .
عمود السحاب هو الروح القدس . فقد كان الشعب في البحر ، وكان عمود النور يتقدمهم ، عندئذ تبعهم السحاب
كظل للروح القدس . ها أنت ترى كيف ظهر بوضوح الروح القدس والماء كمثال للمعمودية .
الخلاصة من أقوال الأباء بعالية
أن عبور بني إسرائيل للبحر الأحمر هو رمزاً دامغاً للمعمودية ولكنها مجرد رمز ولكن المعمودية تختلف
كإختلاف الحقيقة عن الرمز
وإليك تشابه الرمز مع المرموز له والإختلاف أيضاً 1 - المعمودية مياة مقدسة بالروح القدس والبحر مياة غير مقدسة ..... وهذا تشابه . وبه إختلاف في المياة
2 - دخل البحر ( إسرائيل - أي شعب الله ) ويدخل المعمودية شعب الله فقط ...... وهذا تشابه آخر .
3 - من عبر البحر تخلص من عبودية فرعون وصار حراً ..... ومن يدخل المعمودية يتخلص من عبودية الشيطان ويصبح حراً
4 - عبر شعب إسرائيل يتقدمهم موسي ( إبن الماء ) .... وعبر بنا المعمودية المسيح ( إبن الله ) ... وهذا إختلاف
5 - كان العبور في المساء وقبل الفجر ..... والمعمودية تكون عند مساء ظلام الخطيئة لتعبر بنا إلي فجر النور ( الطهر
والحق )
6 - سعي فرعون وراء من عبروا البحر ومات هناك هو وجنوده ....... وتبع الشيطان شعب المسيح حتي الصليب وقبض عليه
الرب يسوع وأشهروه جهاراً . وعبر بنا نحن وأحيانا .
7 - تقدم عمود النور شعب إسرائيل في عبور البحر وتبعه شعب اسرائيل كله ....
ويتبع المسيحيون المسيح النور الحقيقي الذي إجتاز المعصرة وحده أولاً ونحن نتبعه في نفس الطريق
سائرين في النور ما دام لنا النور . وعمود النور هنا يرمز للمسيح يسوع نفسه .
8 - تبع عمود الغمام شعب اسرائيل حتي يعزل عنهم فرعون وجنوده ..... وهكذا ترك لنا السيد المسيح الروح القدس
الذي يشفع فينا بآنات لا ينطق بها . فيفصل عنا خطايانا حتي لا تميتنا .
9 - إنغلق البحر علي فرعون بعد عبور بني إسرائيل فصاروا أحراراً ومات عدوهم
والمؤمنون الذين يعتمدون يعبرون من العبودية إلي الحياة ولا يكون للخطيئة سلطان عليهم أو للشيطان سلطان
عليهم . حيث قال المسيح إن حرركم الإبن فبالحقيقة تصيرون أحراراً . وهو أيضاً أعطانا سلطاناً لكي ندوس الحيات
والعقارب ولا يضرنا شيء منها .
10 - أسرع موسي بشعب إسرائيل ولكنه مع ذلك لم يكن في يديه أن ينجي شعب الله
وهذا دليل علي أن الأنبياء ويمثلهم رئيس الأنبياء موسي النبي لم يكونوا ليقدروا أن ينجوا شعب الله من الشيطان
وجنوده الرديئة .. ... ولم يكن أمام شعب إسرائيل إلا خيار من إثنين أن يموتوا بيد فرعون أو يلقوا أنفسهم في البحر
وهذا أيضاً يوضح أن المعمودية هي السبيل الوحيد للنجاة ومن يرفض الدخول للمعمودية كمن يرفض الدخول من
شعب إٍسرائيل إلي البحر فسيكون مصيرة الموت علي يد فرعون ( الشيطان ) وأعوانه .
11 - دخول إسرائيل إلي البحر لم يكن بأنفسهم . وإنما الله هو من شق البحر لهم وهذا ما جعل عبور المياة
للحياة وليس للموت . وهذا ما يعني أن عبور المعمودية لم يكن ليأتي بيد إنسان بل بيد الله . ولذا أرسل
الرب إبنه ( الله ذاته ) لكي يشق لنا مياة المعمودية ويقدسها لنا لتصير لنا للحياة الأبدية وليس للموت
وسلام رب السلام ملك المجد سيدنا ومخلصنا يسوع المسيح له كل المجد أهدي إليكم
محب حبيب